بعد أقل من شهر على لقاء غامض جمعهما في البيت الأبيض تحت عنوان مناقشة مستقبل غزة بعد الحرب، تتكشف تفاصيل ما ناقشه الرئيس الأميركي دونالد ترمب وضيفه البريطاني توني بلير في اللقاء الذي عقد أواخر أغسطس (آب) الماضي وحضره جاريد كوشنر صهر ترمب، من خطة تنطوي على تأسيس "هيئة انتقالية" في غزة بقيادة رئيس الوزراء البريطاني السابق، والتي ستكون بمثابة حاكم إداري للقطاع، وستكون مهمتها الرئيسية تنفيذ "خطة من 21 بنداً" تهدف إلى إقصاء حركة "حماس" وإعادة إعمار القطاع وبدء عملية طويلة لتحقيق حل الدولتين.
ووفق التفاصيل التي نشرتها صحف بريطانية وإسرائيلية الجمعة، فإن البيت الأبيض يدعم خطة تقضي بتولي توني بلير موقتاً إدارة قطاع غزة من دون مشاركة مباشرة من السلطة الفلسطينية في البداية. وبموجب المقترح فإن بلير سيقود هيئة تسمى "السلطة الانتقالية الدولية لغزة GITA"، ستكون ذات صلاحيات باعتبارها "السلطة السياسية والقانونية العليا" في غزة لمدة تصل إلى خمس سنوات.
وأفادت صحيفتا "هآرتس" و"تايمز أوف إسرائيل"، أن الخطة تستند إلى نماذج الإدارات التي أشرفت في البداية على انتقال تيمور الشرقية وكوسوفو نحو إقامة الدولة. ويقترح معدو الخطة أن يكون مقر هيئة "غيتا" في مدينة العريش المصرية، القريبة من الحدود الجنوبية لغزة، قبل أن تنتقل لاحقاً إلى قطاع غزة برفقة قوة متعددة الجنسيات ذات غالبية عربية وبتفويض من الأمم المتحدة. وترى الخطة في نهايتها "توحيد جميع الأراضي الفلسطينية تحت مظلة السلطة الفلسطينية".
وبموجب الخطة، لن يُجبر الفلسطينيون على مغادرة القطاع، كما كان يُخشى أن يحدث في ظل مقترحات أميركية سابقة لتطويره تحت اسم "ريفييرا غزة"، المشروع المثير للجدل الذي أفادت تقارير سابقة بأن معهد توني بلير هو المسؤول عن إعداده.
وفي حال الموافقة على الخطة الجديدة، سيتولى بلير رئاسة أمانة عامة تضم ما يصل إلى 25 شخصاً، وسيترأس مجلساً مكوناً من سبعة إلى عشرة أعضاء، بينهم "ممثل فلسطيني واحد مؤهل على الأقل (قد يكون من قطاع الأعمال أو الأمن)"، إضافة إلى مسؤول رفيع من الأمم المتحدة، وشخصيات دولية ذات خبرة تنفيذية أو مالية، و"تمثيل قوي لأعضاء مسلمين".
وسيعمل تحت إشراف الأمانة التنفيذية فريق من خمسة مفوضين يشرفون على مجالات أساسية من إدارة غزة: الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار والتشريع والشؤون القانونية والأمن والتنسيق مع السلطة الفلسطينية.
واللافت أن الخطة تنص على أن المفوض المسؤول عن الشؤون الإنسانية سيتولى التنسيق مع الوكالات الإنسانية، بما في ذلك مؤسسة غزة الإنسانية المثيرة للجدل، والتي تصر معظم الدول العربية والوكالات الإنسانية على ضرورة حلها واستبعادها عن المشهد.
وسيتولى مفوض للتنسيق مع السلطة الفلسطينية مهمة "ضمان توافق قرارات الهيئة وقرارات السلطة الفلسطينية، قدر الإمكان، بما يتسق مع الهدف النهائي المتمثل في توحيد جميع الأراضي الفلسطينية تحت مظلة السلطة الفلسطينية". وأيضاً ستكون من مهامه متابعة جهود إصلاح السلطة الفلسطينية بالتنسيق مع المانحين الدوليين والمؤسسات المالية والشركاء العرب المنخرطين في تطوير المؤسسات الفلسطينية.
ووفق المقترح، سيتم إنشاء سلطة تنفيذية فلسطينية منفصلة للتواصل بشكل أكثر مباشرة مع الفلسطينيين عبر تقديم الخدمات "من خلال إدارة مهنية غير حزبية". وسيترأس هذه السلطة التنفيذية الفلسطينية رئيس تنفيذي يُعيَّن رسمياً من مجلس إدارة "السلطة الانتقالية الدولية لغزة"، وسيكون مسؤولاً عن الإشراف على سلسلة من الوزارات التكنوقراطية، بما في ذلك الصحة والتعليم والمالية والبنية التحتية والشؤون القضائية والرعاية الاجتماعية.