تقرير أمريكي: واشنطن سترد بـ "حزم" اذا تم التصويت على قانون الحشد الشعبي

نشر في: 5 أغسطس ,2025: 11:53 ص
297 مشاهدة
+ الخط -
قناة النهرين الفضائية -
دعا معهد واشنطن للدراسات، في تقرير بقلم "ديفيد شينكر"، الادارة الامريكية للرد بـ "حزم"، في حال أصر البرلمان العراقي على إقرار قانون الحشد الشعبي، لما فيه من تعزيز للنفوذ الإيراني.
وجاء في تقرير المعهد الذي تابعته "النهرين":
تحليل موجز
إن ترسيخ وجود جماعات إرهابية مدعومة من إيران داخل مؤسسات الدولة العراقية سيكون ضربة جسيمة للمصالح الأميركية، لذا يجب أن يكون رد واشنطن واضحًا، صارمًا بما يتناسب مع الحدث، ومنسقًا مع شركائها الإقليميين المتضررين من هذه الجماعات.

على الرغم من الضربات التي تلقتها وكلاء إيران في المنطقة منذ عام 2023، إلا أن طهران لا تتخلى عن استراتيجيتها القائمة على الميليشيات الأجنبية، بل تضاعف دعمها لأبرز وكلائها في العراق، وهم قوات الحشد الشعبي. ففي أواخر تموز/يوليو، دفعت الفصائل المدعومة من إيران في الحشد وأحزابها الحليفة في البرلمان نحو تشريع يهدف إلى ترسيخ وجودهم العسكري والسياسي في بغداد، ما يهدد بتقويض العلاقة الهشة أصلاً بين واشنطن وبغداد.

مهام تجاوزت حدودها
تأسست ميليشيات الحشد الشعبي عام 2014 بعد أن سيطر تنظيم داعش على مساحات واسعة من العراق، استجابةً لفتوى المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني. قاتل الآلاف إلى جانب الجيش العراقي وقوات التحالف بقيادة أميركا.
رغم إعلان النصر على داعش في ديسمبر 2017، لا يزال الحشد أكبر وأقوى من أي وقت مضى، ويضم اليوم 238 ألف مقاتل بميزانية حكومية تبلغ 3.6 مليار دولار سنويًا. ويتكوّن من أكثر من 70 فصيلاً، بينها جماعات مصنفة أميركيًا كـ"إرهابية" مثل حركة النجباء، وعصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله، وهي تتلقى تمويلاً من الدولة العراقية ولكنها موالِية بالكامل لإيران ومصممة على طرد القوات الأميركية من العراق.

قانون الحشد الجديد
في 16 تموز، أجرى البرلمان العراقي القراءة النهائية لمشروع قانون الحشد الشعبي، وبات بالإمكان التصويت عليه في أي جلسة قادمة.
القانون يقضي بتحويل الحشد من هيئة مؤقتة أنشأها رئيس الوزراء عام 2016 إلى جهاز دائم من أجهزة الدولة، ويُفصّل هيكليته، ومسؤولياته، ومزاياه، وسلسلة القيادة الإدارية. كما يتضمن تأسيس أكاديمية عسكرية خاصة بالحشد، ويرفع رتبة قائده الحالي فالح الفياض (الذي فرضت عليه وزارة الخزانة الأميركية عقوبات عام 2021 لانتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان) إلى منصب وزير وعضوية اللجنة الوزارية للأمن الوطني.

ورغم محاولات كتل معارضة مثل الأحزاب الكردية وتكتل "تقدم" السني لعرقلة القانون بمقاطعة الجلسات، أدرج القانون بشكل مفاجئ في جدول الأعمال في 16 تموز بعد اكتمال النصاب القانوني.

وعلى الرغم من أن كثيرين كانوا يأملون أن تقوم بغداد بدمج الحشد في القوات المسلحة النظامية، إلا أن هذا القانون يُضفي شرعية على الحشد ككيان عسكري مستقل موازٍ للدولة.

في الظاهر، سيُصبح الحشد خاضعًا لرئيس الوزراء، كما هو حال وزارتي الدفاع والداخلية. ولكن على أرض الواقع، فإن فصائل المقاومة في الحشد تتبع قيادة طهران منذ سنوات، وتستهدف الأميركيين والعراقيين على حد سواء. ومن غير المنطقي توقع أن يتغير هذا النهج في حال أُقر القانون.

بل إن القانون، ورغم مطالبته الحشد بأن يكون "غير مسيّس"، يشير إلى أفراده بـ"المجاهدين"، لا "الجنود"، ما يعكس التوجه الأيديولوجي والطائفي العميق لقيادته، وانحيازه العلني للنظام الإيراني.

الخلاف مع واشنطن
في اتصال بتاريخ 22 تموز، عبّر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني عن مخاوفه من أن القانون "يُؤسس لتكريس النفوذ الإيراني وشرعنة جماعات إرهابية مسلحة تقوّض سيادة العراق".

وقد سبق لمسؤولين أميركيين في إدارات مختلفة أن طالبوا بغداد بالسيطرة على الحشد، خاصة بعد أن هاجم عناصره السفارة الأميركية، وقواعد للتحالف، وأطلقوا مسيّرات نحو إسرائيل.

كما استهدف الحشد عراقيين: حاول اغتيال سياسيين (بينهم رئيس وزراء سابق)، وقتل صحفيين، واعتدى على متظاهرين، وهدد أقليات (مثل المسيحيين في نينوى)، وهاجم بنى تحتية في إقليم كردستان.

وفي الأسبوع الماضي فقط، هاجم مسلحو كتائب حزب الله مبنى تابعًا لوزارة الزراعة، وقتلوا شرطيًا ومدنيًا لمنع إقالة مسؤول قدّم لهم تسهيلات للحصول على أراضٍ زراعية.

رغم ذلك، يرى السوداني أن القانون يمثل "إصلاحًا أمنيًا" قد يجبر الحشد على الالتزام بالقانون العراقي. لكن واشنطن لا تشاطر هذا التفاؤل، وترى أن الحشد يشبه الحرس الثوري الإيراني: يتلقى تمويلاً من الدولة، لكنه يعمل خارج سلطتها وبإمرة طهران.

خيارات السياسة الأميركية
إقرار القانون سيعقّد التعاون العسكري الأميركي مع العراق، ويقوض فرص الاستثمار الأميركي فيه. وتشير تقارير إلى أن القائم بالأعمال الأميركي في بغداد ستيفن فيغن حذّر السوداني من "تدخل دولي حاسم" إذا استمرت حكومته بتسليح الميليشيات.

ورغم أن توجيه ضربات عسكرية للحشد يبدو مستبعدًا في غياب هجمات مباشرة، إلا أن أمام واشنطن خيارات عدة:

تسريع سحب القوات الأميركية
يوجد حوالي 2,500 جندي أميركي في العراق ضمن التحالف ضد داعش. وبحسب الاتفاقات، من المفترض انسحاب المئات بحلول أيلول 2025، والباقي بحلول نهاية 2026. وقد يكون الآن الوقت المناسب لإنهاء المهمة وترك العراق يدافع عن نفسه.

كشف معلومات استخبارية عن الهجمات على كردستان
على واشنطن كشف ما لديها من معلومات حول دور الحشد في الهجمات بالطائرات المسيّرة على الإقليم، لإجبار بغداد على محاسبة المتورطين.

عدم دعوة السوداني إلى واشنطن
يسعى السوداني لزيارة أميركا قبل الانتخابات التشريعية في تشرين الثاني/نوفمبر، للحصول على "شرعية دولية". لكن استقباله سيكون خطأً فادحًا، خاصة وأن داعميه الرئيسيين هم ميليشيات تقتل أميركيين.

تحذير الشركات الأميركية من الاستثمار في العراق
إذا أقرّت بغداد القانون، على الخارجية الأميركية تحذير الشركات من المخاطر، خاصة وأن شركة المهندس العامة التابعة للحشد باتت متغلغلة في الاقتصاد العراقي، ما يزيد احتمالات انتهاك العقوبات عن غير قصد.

محاسبة الأحزاب السياسية
على واشنطن مراقبة مواقف الأحزاب الكردية والسنية من التصويت على القانون. فإذا دعموا قانون الحشد مقابل مكاسب سياسية، يجب أن يؤثر ذلك على علاقتهم مع الولايات المتحدة.

ردّ فعل دولي مشترك
على واشنطن تنسيق ردها مع دول مثل السعودية والكويت والأردن وسوريا، التي سبق أن استهدفها الحشد، لتشكيل موقف إقليمي رافض لتشريع الميليشيات الإيرانية في العراق.

تصنيف العراق كدولة راعية للإرهاب (الخيار النووي)
رغم أنه خيار بالغ الخطورة وقد يأتي بنتائج عكسية، لكنه يظل مطروحًا. في المقابل، يمكن لوزارة الخزانة أن تدرج شركة المهندس العامة وفروعها الوهمية على قوائم العقوبات، وتحذّر من التعامل معها.



قناة النهرين :
البث المباشر