ما تزال تداعيات الرسوم الجمركية، التي فرضها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على العراق بنسبة 30% على جميع الصادرات العراقية إلى الولايات المتحدة، باستثناء النفط الخام، مثار حديث الاوساط العراقية المعنية بهذا الموضوع، حيث بين سياسيون ومختصون في الشأن الاقتصادي، الأسباب الكامنة وراء هذا القرار، وتداعياته المحتملة على الاقتصاد العراقي، مؤكدين أن العراق أمام خيارين "إما التقارب أو التصعيد".
وتابعت "النهرين"، خلال الايام الماضية، مجموعة تصاريح ومنشورات لمختصين بالشأن الاقتصادي، وسياسيين واعضاء في مجلس النواب، بشأن هذا الموضوع، حيث اكد القيادي في تحالف الإعمار والتنمية، عبد الهادي السعداوي في لقاء متلفز إن "العراق لا يمتلك صادرات في داخل الولايات المتحدة الأمريكية"، مبينا أن "رسالة ترامب للسوداني كانت واضحة، وهي: إما فتح مصانع أمريكية داخل العراق أو الرسوم"، مضيفا أن "فرض الرسوم لن يؤثر على العراق بشيء، لعدم اعتماد البلاد على أمريكا بالصادرات والاستيرادات"، موضحا أن "ذلك سيؤثر بنسبة ضئيلة قد تصل إلى 1 بالمئة".
الخبير الاقتصادي، منار العبيدي، في منشور له على فيسبوك، اوضح أن "السبب الرئيسي لهذه التعرفة يعود إلى اعتقاد الولايات المتحدة بوجود خلل في الميزان التجاري مع العراق، حيث تُظهر الأرقام فائضا تجاريا لصالح العراق بقيمة حوالي 2 مليار دولار"، مبينا أن "صادرات النفط العراقي إلى أمريكا تبلغ نحو 4 مليارات دولار سنويا، بينما تستورد العراق بضائع أمريكية بقيمة تتراوح بين 2 إلى 3 مليارات دولار، أما السبب الثاني هو فرض العراق رسوما جمركية إضافية على بعض السلع الأمريكية ضمن برنامج حماية المنتجات المحلية، مما اعتبرته الولايات المتحدة تعرفة موجهة ضد بضائعها"، لافتا إلى أنه "بناء على هذين السببين رأت الولايات المتحدة أن التجارة مع العراق تسبب عجزا في ميزان مدفوعاتها، مما دفعها لفرض هذه التعرفة".
العبيدي في منشوره، اكد أن "العراق أمام خيارين، الأول وهو خيار التقارب يتطلب ردا دبلوماسيا بإرسال رسالة رسمية من أعلى مستوى في الحكومة العراقية توضح حجم الواردات المباشرة وغير المباشرة من الولايات المتحدة، مؤكدة أن الميزان التجاري يميل لصالح أمريكا وتبين مقدار خطأ الاحتساب وضرورة رفع هذه التعرفة الكمركية اعتمادا على تفصيل استيرادات السلع والخدمات الامريكية المباشرة وغير المباشرة، وطلب العمل المشترك بين البلدين لتحويل جميع استيرادات العراق من السلع والخدمات بطريقة مباشرة دون الحاجة الى المرور بدول أخرى من خلال لجان مشتركة بين البلدين"، متابعا "ان الخيار الثاني وهو التصعيد، عبر فرض رسوم على الخدمات والسلع الأمريكية مثل السيارات والإلكترونيات، الذي قد يكون له تأثير سيادي رمزي فقط، لكنه سيضر العراق أكثر من الولايات المتحدة وقد يؤدي إلى قيود أمريكية إضافية".
واقترح العبيدي "الخيار الأول" كحل مناسب، لأن تجاهل القرار أو التصعيد قد يؤدي إلى تداعيات مستقبلية سلبية على العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وربما إلى عقبات أخرى في المستقبل القريب وخصوصا أن هناك فتورا في العلاقة الاقتصادية بين الولايات المتحدة الأمريكية والعراق.
اما أستاذ الاقتصاد الدولي، نوار السعدي، قد اكد أن "الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب على العراق، سيكون لها تأثير مركب على الاقتصاد الداخلي، وفيما توقع أن تكون هذه الخطوة بداية لإعادة رسم العلاقة التجارية بين واشنطن وبغداد".
وأشار إلى أنه "هناك حاجة إلى تصحيح مالي كبير للحد من المخاطر المالية الكلية، واحتواء مخاطر السيولة، واستقرار الدين على المدى المتوسط. وعلى المدى القصير جدًا، ينبغي على السلطات مراجعة خطط الإنفاق الجاري والرأسمالي لعام 2025، والحد من جميع النفقات غير الأساسية أو تأجيلها".