لم يعد مشهد الانسداد السياسي، جديدا على إقليم كردستان، رغم حديث بعض الأطراف، عن انفراجة في قضية تشكيل حكومة الإقليم الشهر الماضي، ليعود المشهد مجددا إلى حالة من التعقيد نتيجة عدم الاتفاق على تسمية المناصب، بالرغم من مرور حوالي 7 أشهر على انتخابات برلمان الإقليم.
وتابعت "النهرين" مجموعة مواقف وتصريحات لجهات وشخصيات سياسية كردية، خلال المرحلة الماضية، ابرزها ما تقدمت به قوى حراك الجيل الجديد وحزب العدل الكردستاني بدعوى لدى المحكمة الاتحادية ضد رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني لعدم قيامه بإصدار أمر بحل برلمان الإقليم، الأمر الذي يراه حزب بارزاني "دعاية سياسية".
وخلال الشهرين الماضيين، عقد الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني جولات عدة من المفاوضات، انتهت بتشكيل لجنة مشتركة، هدفها صياغة مسودة يجري الاتفاق عليها للبرنامج الحكومي المقبل، وآلية توزيع المناصب التنفيذية لحكومة الإقليم، لكن الاتفاق لم يفض إلى أي نتائج تدفع نحو الإسراع بحسم ملف تشكيل الحكومة.
وعقد صباح الإثنين 27 نيسان الماضي، الاجتماع الثالث للقمة بين نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسرور بارزاني، ورئيس الاتحاد الوطني الكردستاني، بافل طالباني، في قضاء دوكان بمحافظة السليمانية، بحضور اللجنة العليا المشرفة على تشكيل حكومة الإقليم، لوضع اللمسات الأخيرة على البرنامج الحكومي المقبل، ومناقشة توزيع المناصب بين الأحزاب الفائزة في الانتخابات، بالإضافة إلى مناقشة مجموعة من القضايا السياسية والإدارية ذات الصلة بتشكيل الحكومة الجديدة في إقليم كردستان، إلا أنه لم يسفر عن أي نتائج تذكر.
وبهذا الصدد، يقول عضو حراك الجيل الجديد ميران محمد، إن "الدعوى القضائية في المحكمة الاتحادية هي لمعالجة الخرق القانوني الذي ترتكبه أحزاب السلطة، في الإبقاء على الجلسة الأولى للبرلمان مفتوحة".
ويضيف محمد أن "ما يجري هو تجاوز على الأعراف الدستورية والقانونية، وعدم احترام لإرادة الشعب الذي خرج وصوت في الانتخابات، ولكن الأحزاب الحاكمة تتعامل مع إقليم كردستان، وكأنه ملك خاص لعوائلهم"، لافتا إلى أن "الحكومة الموجودة في الإقليم هي حكومة تصريف أعمال، وغير قانونية، ووجودها حاليا لا يستند لأي معايير، وترتكب مخالفات كبيرة، وتوقع اتفاقات، خارج صلاحياتها".
من جهته، وصف رئيس السن لبرلمان إقليم كردستان، محمد سليمان، في 1 أيار الجاري، أن الدورة السادسة الحالية تُعد "ملغاة قانونيا"، بسبب عدم انتخاب هيئة رئاسة البرلمان في أول جلسة، داعيا إلى إصدار مرسوم رسمي لحل البرلمان.
إلى ذلك، يوضح الخبير في الشأن القانوني بكر شيرزاد، أنه "لا يوجد دستور في إقليم كردستان تستند عليه رئاسة الإقليم في دعوتها لعقد الجلسات، أو حل البرلمان، في حال ارتكب مخالفات كبيرة"، مشيرا الى أن "النظام الداخلي لبرلمان كردستان تحدث عن عقد الجلسة الأولى لأداء اليمين القانونية بعد 10 أيام من إعلان نتائج الانتخابات، وهذا حصل فعلا، لكن النظام لم يشر إلى قضية إبقاء الجلسة الأولى مفتوحة".
ويتابع أن "هذا الأمر طبق أيضا في أيام تشكيل الحكومة العراقية التي تأخرت لأشهر عديدة، ولم يصدر قرار بحل البرلمان من المحكمة الاتحادية، ولهذا ما يسري على البرلمان العراقي، يسري على برلمان كردستان".
ويضيف أن "هناك مخالفات كبيرة وخروقات قانونية فعلا، ولكن في المشهد السياسي في العراق وإقليم كردستان اعتدنا على الأمر، بعدم احترام إرادة الناخب، وعدم الالتزام بالمعايير القانونية والديمقراطية".
وطبقا للنظام الداخلي لبرلمان الإقليم، يتعين على رئيس الإقليم دعوة البرلمان المنتخب إلى عقد جلسته الأولى خلال 10 أيام من المصادقة على نتائج الانتخابات، وإذا لم يدع الرئيس إلى عقد الجلسة الأولى يحق للبرلمانيين عقدها في اليوم الحادي عشر للمصادقة على النتائج، فيما يترأس العضو الأكبر سنا جلسات البرلمان قبل انتخاب الرئيس الدائم بعد تأدية القسم الدستوري.
ومن جهته، يعتبر عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني وفاء محمد كريم، أن "قضية الشكوى في المحكمة الاتحادية هي دعاية سياسية، ولن يحصل فيها أي شيء، وأن حراك الجيل الجديد أراد مناصب معينة، وبعدما فشل بالحصول عليها، ذهب لقضية المطالبة بحل البرلمان، فيما حزب العدل الكردستاني برئاسة علي بابير، لم يحصل سوى على 3 مقاعد، ويريد تعطيل تشكيل الحكومة".
ويضيف كريم أن "الحزب الديمقراطي ليست لديه أي مشكلة في قضية حسم المناصب، وتقريبا تم الاتفاق على حسم أغلب المناصب الرئيسية والخلافات جزئية، ولكن الاتحاد الوطني يريد تأخير تشكيل الحكومة، ويضعها مع اقتراب موعد انتخابات البرلمان العراقي، لكن يقايض على المناصب في بغداد ومنها منصب رئاسة الجمهورية".
ويتابع أن "الأمور في الإقليم تسري بشكل طبيعي، والحكومة تقوم بواجباتها تجاه الشعب، ولا يوجد تقصير، بالتالي لا توجد حاسة مستعجلة للإسراع بتشكيل الحكومة الجديدة".
إلى ذلك، يشير عضو الاتحاد الوطني الكردستاني حسن آلي، إلى أن حزبه "لا يقف عائقا أمام تشكيل حكومة الإقليم، لكنه بذات الوقت يريد حكومة تمثل الشعب، وتلبي طموحه، والتأخير لا يتعلق بوجود خلافات على المناصب إطلاقا، فنحن لا تهمنا المناصب، بقدر ما يهمنا أن تكون الحكومة المقبلة، حكومة شراكة حقيقية، وتدار السلطة في جميع الملفات بالتوافق والتشاور بين الأطراف المشاركة فيها".
ويردف أنه "بخصوص حل البرلمان فإن الاتحاد الوطني لا يرى هذا الأمر حلا للأزمة، لأن البرلمان، منتخب ويمثل الشعب، والخلافات تحل بالتفاوض، أما الحديث عن حل البرلمان، يؤدي إلى أزمة أخرى".
ويتابع أنه "بخصوص المعارضة، فهي التي اختارت طريقها، وهذا الأمر طبيعي، ومن حقهم عدم المشاركة، وهي حالة صحية، بأن تكون هناك أطراف في الحكومة، وأخرى في المعارضة".