وفي تقرير الصحيفة التي تابعتها "النهرين": لطالما كانت قصص الزوج القاتل أو الزوجة القاتلة نادرة، تُتناقل على سبيل الاستغراب لفرط غرابتها، فالعائلة في أصلها تقوم على المودة والرحمة، لتكون نواةً لمجتمع سليم ومستقر. لكن في السنوات الأخيرة بدأت الخلافات الزوجية تتزايد، وبعضها لم يعد ينتهي بالطلاق أو الهجر، بل بالقتل، كما في هذه الحادثة بعدما أقدم زوج على قتل زوجته بطريقة صادمة، لتغادر الحياة وهي على فراش نومها، تاركة وراءها أطفالاً يواجهون مستقبلاً مجهولاً.
الجاني، وهو الزوج نفسه، روى في اعترافاته أن الخلافات مع زوجته تعود إلى نحو ستة أشهر، عازياً السبب إلى عدم اهتمامها الكافي بالأطفال وبشؤون المنزل، على حد قوله. ويضيف أنه حاول مراراً التفاهم معها، بل وأشرك والدها في النقاش، لكن دون جدوى.
في يوم الحادثة، كان الزوج عائداً من عمله صباحاً، وحاول إيقاظ زوجته التي كانت نائمة. عندها ردت عليه بجملة قصيرة: "عوفني أنام ومن أكعد يصير خير". هذه الإجابة، كما يقول، استفزته أكثر، لتبدأ مشادة كلامية تخللتها عبارات حادة تبادلها الطرفان.
ويتابع الجاني في اعترافاته: "خرجت إلى كراج المنزل ورأيت أمامي سلكاً كهربائياً. قمت بأخذه وعدت إلى الداخل. أوصلت أحد أطرافه بالكهرباء، والطرف الآخر وضعته عند رأسها مرة من الجانب الأيمن وأخرى من الجانب الأيسر، فقمت بصعقها".
بعد الفعل، أصاب جسد الزوجة تشنج حاد. حاول الزوج إيقاظها لكنه اكتشف أنها فارقت الحياة. هرع إلى والده طلباً للمساعدة، فنقلاها مع أحد الجيران إلى المستشفى، لكن الأطباء أكدوا أنها وصلت متوفاة.
ولم يكتفِ الزوج بالفعل، بل حاول إيهام الكادر الطبي بأن زوجته انتحرت بصعق نفسها بالكهرباء. غير أن المؤشرات الفنية والتقارير الطبية دفعت السلطات إلى التحفظ عليه وفتح تحقيق جنائي موسع.
التحقيقات، مدعومة بمحضر الضبط وتقارير الأدلة الجنائية والتقرير الطبي العدلي التشريحي، كشفت تناقضات في رواية الزوج. ومع تفريغ هاتفه، تجمعت الأدلة التي عززت اعترافه لاحقاً بارتكاب الجريمة. اعترف بوضوح ودقة بما فعله، وأكد أنه كان في لحظة غضب حين قرر إنهاء حياة زوجته بالصعق الكهربائي.
المحكمة وبعد مراجعة الأدلة والاعترافات، وجدت أن البينات كافية ومقنعة لإدانة المتهم. وبالاستناد إلى المادة 405 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل، قررت الحكم عليه بالسجن المؤبد عن جريمة قتل زوجته.
تنص المادة 405 على أن "من قتل عمداً نفساً بشرية يُعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت"، وهو نص يعكس تشدد المشرّع العراقي في التعامل مع جرائم القتل العمد، باعتبارها اعتداءً مباشراً على الحق الأسمى وهو الحق في الحياة. وفي هذه الحالة، لم تجد المحكمة أي مبرر يخفف من الحكم، خاصة وأن الجريمة ارتُكبت بدم بارد ضد زوجة داخل بيتها.
القضية لا تنتهي عند حدود القاعة القضائية، إذ تبقى آثارها ممتدة إلى عائلة فقدت ابنتها، وأطفال تُركوا بلا أم، وزوج قضى بقية عمره خلف القضبان. إنها مأساة مزدوجة، تُظهر كيف يمكن لخلافات يومية، ومع غياب السيطرة على الغضب، أن تتحول إلى كارثة تدمّر أسرة بأكملها.