غطاء مدفعي
وأشار بيان للفرقة إلى أن الهجوم بدأ بغطاء كثيف من القصف المدفعي والمسيرات الاستطلاعية والانتحارية، وبقوات كبيرة من المشاة والمركبات القتالية والمدرعات والمصفحات، وبالاستعانة بأعداد كبيرة من المرتزقة الأجانب من كولومبيا وتشاد وجنوب السودان وأفريقيا الوسطى، من المهندسين والقناصة الذين جندتهم "الدعم السريع". وأوضح البيان أن قوات الفرقة "تسجل بهذا التصدي الانتصار رقم 266 على المرتزقة المأجورين، وكبدت العدو خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وجرى تدمير مجموعة من المركبات القتالية وتعطيل والاستيلاء على بعضها".
وكشفت مصادر محلية عن سقوط ما لا يقل عن مقتل خمسة مدنيين وإصابة آخرين بجروح بالغة في منطقة السوق المركزية بالمدينة نتيجة انفجار مسيرة انتحارية أطلقتها "الدعم السريع" التي بثت في المقابل، على منصاتها بمواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو لعناصرها وهم داخل منزل الوالي شمال دارفور وقصر الضيافة، مشيرة إلى أن ساعة الحسم قد حانت.
ومنذ أشهر عدة تصعد "الدعم السريع" هجماتها على الفاشر بهدف السيطرة عليها وإكمال سيطرتها على كامل دارفور، بوصف المدينة آخر معاقل الجيش في الإقليم، بعد سيطرتها مبكراً على ولايات الإقليم الأربع الأخرى، في وسط دارفور وشرقها وغربها وجنوبها.
تحذيرات مناوي
من جانبه حذر حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي من خسائر قد تطاول دولة جنوب السودان، في حال سقوط الفاشر في يد "الدعم السريع"، مطالباً حكومة الجنوب بإنهاء اعتماد "الدعم السريع" على المقاتلين من دولتها. وأضاف مناوي، في منشور على منصة "إكس"، "بعد هذا الانتصار الكبير بالفاشر، أدعو الأشقاء في دولة جنوب السودان، الضلع الأيمن لنا، إلى معرفة أن من يقاتلون الآن في صفوف الدعم السريع بالفاشر هم مقاتلون من جنوب السودان، بعد أن أنهى مقاتليه ولم يبق له سوى الاستئجار"، مشيراً إلى أن الخسائر الجسيمة وسقوط الفاشر يعنيان سقوط جنوب السودان.
واقع مأسوي
ومنذ ما يقارب العامين تعاني مدينة الفاشر انعدام الغذاء، بسبب الحصار ومنع وصول أي إمدادات غذائية أو دوائية للمدينة. ورسم بيان لتنسيقية لجان مقاومة الفاشر صورة قاتمة لوضع الأطفال والجرحى بالمدينة، مشيراً إلى أن الأطفال يموتون جوعاً قرب أمهاتهم، وعززت التنسيقية بيانها بنشر صورة لإحدى الأمهات إلى جانب طفلتها التي توفت بسبب الجوع، في طريق الفرار من الفاشر إلى محلية طويلة بشمال دارفور. وقالت التنسيقية، على منصة "فيسبوك"، "إن سكان الفاشر لا ذنب لهم سواء أنهم ولدوا في مدينة قرر العالم تجاهل صراخها، والواقع البائس للأطفال والمسنين والجرحى الذين تركوا ما بين الحياة والموت من دون غذاء أو دواء وهم يفترشون الأرض بلا صوت يطالب في حقهم في النجاة"، متسائلة "كم من الألم وكم من الدماء والجثث سيكون كافياً حتى يتحرك ضمير ليوقف هذه المأساة"، وأشار المنشور أيضاً إلى أن المدنيين بالفاشر المكلومة والمغلوبة على أمرها، "يسقطون أمام صمت العالم، واحداً تلو الآخر، وتضمد جراح مصابي القصف المتزايد بقطع من القماش المتسخ، بدلاً من الشاش الطبي المعقم".
استهداف الخرطوم
في الأثناء ولليوم الرابع على التوالي، هاجمت مسيرات "الدعم السريع"، صباح اليوم الجمعة، مرة أخرى، العاصمة السودانية الخرطوم ومحيط مطارها الدولي، وسط تأكيدات بتصدي أنظمة الدفاع الجوي للمسيرات التي ذكر أنها من الطراز الانتحاري. وأكدت منصات "الدعم السريع" على مواقع التواصل الاجتماعي أن ما تسميه بكتيبة "سارص" الجوية الاستراتيجية، هاجمت الخرطوم لليوم الرابع على التوالي.
وأفاد شهود عيان، بسماع دوي المضادات الأرضية من مناطق عدة في العاصمة تزامناً مع ظهور المسيرات في سماء المدينة.
وكانت هجمات مسيرة قد استهدفت كل من العاصمة الخرطوم ومدينة الدمازين عاصمة إقليم النيل الأزرق أمس لليوم الثالث توالياً.
في المقابل أكدت مصادر أن الطيران الحربي للجيش شن غارات عنيفة على مطار نيالا عاصمة جنوب دارفور، مستهدفاً طائرة شحن تابعة لـ"الدعم السريع" كانت محملة بالعتاد والمؤن العسكرية ومجموعات من المقاتلين الأجانب. ومنذ أسابيع يتبادل كل من الجيش و"الدعم السريع" هجمات جوية ومسيرة، شملت من "الدعم السريع"، مدن الخرطوم وسنار والدمازين، بينما قصف الجيش كلاً من الجنينة بغرب دارفور ونيالا جنوب دارفور، أكثر من مرة.
المفاوضات والتضارب
في هذا الوقت تضاربت الأنباء بشدة في شأن انعقاد جولة مفاوضات غير مباشرة بين وفدين من الجيش و"الدعم السريع"، بالعاصمة الأميركية واشنطن برعاية وزارة الخارجية الأميركية، تتناول مقترحاً في شأن هدنة إنسانية ووقف إطلاق نار في السودان. وفي وقت جرى تداول هذه الأنباء على نطاق واسع، إعلامياً وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، منسوبة إلى مصادر دبلوماسية، نفى مجلس السيادة الانتقالي وجود أية مفاوضات مع "الدعم السريع" في واشنطن. وشدد بيان للمجلس على عدم صحة ما جرى تداوله سواء في بعض الوسائل الإعلامية أو على مواقع التواصل الاجتماعي في شأن وجود مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة في واشنطن. وأكد المجلس أن موقف الدولة ثابت وواضح تجاه أي حوار أو تسوية، وهو الالتزام بالحل الوطني الذي يحفظ سيادة البلاد ووحدتها واستقرارها وحقوق الشعب السوداني. وعلى رغم ذلك رجحت مصادر دبلوماسية أن تكون ثمة اجتماعات ثنائية جارية في واشنطن بين مسؤولين سودانيين وأميركيين، لكنها لا تضم طرفاً ثالثاً.