اخبار النهرين

أول أزمة بعد تحويل الحكومة لتصريف الأعمال .. نقص في السيولة المالية

نشر في: 18 نوفمبر ,2025: 02:00 م
9 مشاهدة
+ الخط -
قناة النهرين الفضائية - جاء قرار المحكمة الاتحادية الأخير، الذي حسم انتهاء الدورة النيابية وحدّد وضع الحكومة الحالية بوصفها حكومة تصريف أعمال يومية، ليُحدث تحوّلاً عميقاً في قدرة الدولة على إدارة الملف المالي. فوفق الدستور، تُحرم حكومة التصريف من أي صلاحيات تتعلق بالاقتراض الداخلي أو الخارجي، أو إبرام العقود الكبرى، أو إطلاق الإنفاق الاستثماري، وهو ما وضع العراق أمام معادلة مالية شديدة الحساسية في لحظة سياسية غير مستقرة.

هذا القرار لم يأتِ في سياق طبيعي، بل تزامن مع فراغ حكومي يتوقع أن يمتد لأشهر طويلة بسبب مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة. ومع اقتراب نهاية السنة المالية وعدم إقرار موازنة 2025، تجمّدت قدرة الحكومة على استخدام أي أدوات مالية استثنائية لمعالجة العجز، بينما ظل الإنفاق التشغيلي يتضخم من دون غطاء قانوني يسمح بالتمويل.

وبهذا، أصبح الطريق مفتوحاً لتحذيرات الخبراء، وفي مقدمتهم نبيل المرسومي، الذي يرى أن منع الاقتراض في ظل حكومة تصريف الأعمال يعني عملياً دخول العراق في منطقة الخطر، مع إمكانية وقوع "أول كارثة مالية" إذا لم يتم إيجاد مخرج قانوني عاجل أو تسريع التفاهمات السياسية لتشكيل حكومة جديدة تمتلك صلاحيات كاملة.

وبحسب خبراء الاقتصاد، فإن هذا الوضع يشكل سابقة منذ 2003، إذ لم يسبق للعراق أن واجه تقييداً مالياً بهذا الحجم في ظل التزامات مالية هائلة تشمل الرواتب، الحماية الاجتماعية، دعم الغذاء، تكاليف الطاقة، وقروض المشاريع. ومع غياب حكومة كاملة الصلاحيات، أصبحت وزارة المالية تعمل ضمن هامش محدود لا يتيح لها سوى الإنفاق الضروري لاستمرار المرافق الحكومية دون أي مجال للمناورة.

هذا التقييد اصطدم مباشرة بنتائج السنوات الأخيرة، حيث توسعت الموازنة التشغيلية إلى مستويات قياسية، وتضخّم عدد الموظفين والمتعاقدين، وارتفعت فاتورة الرواتب إلى أكثر من 70 تريليون دينار سنوياً، بينما بقيت الإيرادات غير النفطية عند حدود متواضعة لا تتجاوز 9 تريليونات دينار.

كما ترافق قرار المحكمة مع تراجع واضح في الاحتياطي النقدي نتيجة الفجوة بين ما يشتريه البنك المركزي من العملة الصعبة لصالح المالية، وما يبيعه عبر نافذة الدولار لتلبية الطلب التجاري. هذا التراجع وضع حدوداً إضافية لقدرة الدولة على استخدام الاحتياطي كبديل مؤقت للتمويل، في وقت تتصاعد فيه التزامات نهاية السنة.

الأخطر أن هذا التقييد المالي يحدث في لحظة تشهد فيها البلاد تباطؤاً في الأداء الاقتصادي العام، وارتفاعاً في معدلات الفقر متعدد الأبعاد، وتراجعاً في مستويات الخدمات، مع مؤشرات على توسع البطالة وضعف الإنتاجية. وهو ما يجعل أي عجز مالي غير ممول عاملاً مضاعفاً للأزمة الاجتماعية، بحسب مراقبين.


قناة النهرين :
البث المباشر