هذه المبادرة التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية و"اليونيسف" عام 2008 تهدف إلى تسليط الضوء على واحدة من أكثر العادات اليومية فعالية في حماية الصحة العامة والوقاية من الأمراض: غسل اليدين بالصابون والماء.
وعلى رغم أن هذه العادة تبدو بديهية، فإن ملايين الأشخاص حول العالم ما زالوا يتجاهلونها أو لا يقومون بها بالشكل الصحيح، مما يجعل أيديهم أرضاً خصبةً للجراثيم التي قد تؤدي إلى أمراض خطيرة، بل ومميتة.
الجراثيم غير المرئية
في كل مرة نلمس فيها مقبض باب أو شاشة هاتف أو أوراق نقود أو حتى مصافحة بسيطة، تنتقل إلى أيدينا كائنات مجهرية لا تُرى بالعين المجردة. ووفقاً لدراسات ميكروبيولوجية حديثة، فإن اليد الواحدة يمكن أن تحمل آلاف الأنواع من البكتيريا والفيروسات والفطريات، بعضها غير مؤذٍ وبعضها الآخر قد يكون مسؤولاً عن أمراض خطيرة.
ويقدر العلماء أن اليد البشرية الواحدة قد تؤوي ما يصل إلى 150 نوعاً مختلفاً من البكتيريا في أي لحظة، منها ما هو نافع مثل بعض أنواع "العنقودية البشروية" التي تسهم في حماية الجلد، ومنها ما هو ضار مثل "الإشريكية القولونية" التي يمكن أن تسبب الإسهال الحاد، أو "العنقوديات الذهبية" التي تعد الأخطر، وقد تؤدي إلى التهابات خطيرة في الجلد والجهاز التنفسي.
وما لا يعرفه كثيرون أن الجراثيم لا تحتاج إلا إلى ثوانٍ قليلة للانتقال من سطح إلى آخر، وأن لمس الوجه، وهو ما يفعله معظم الناس عشرات المرات في الساعة من دون وعي، كفيل بنقلها إلى الفم أو الأنف أو العين، حيث تجد طريقها إلى داخل الجسم وتبدأ في التكاثر.
اليدان.. طريق الأمراض الأكثر شيوعاً
تُعد اليدان الوسيلة الرئيسية لانتقال العدوى في الحياة اليومية، سواء في المنزل أو المدرسة أو مكان العمل، وغيره. وتشير تقديرات "منظمة الصحة العالمية" إلى أن غسل اليدين بالصابون يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بالإسهال بنسبة 50 في المئة، ومن خطر الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي بنسبة تصل إلى 25 في المئة.
كذلك فإن هذه العادة البسيطة قد تنقذ حياة نحو 600 ألف طفل سنوياً من الوفاة بسبب أمراض يمكن الوقاية منها بسهولة، مثل الإسهال والالتهاب الرئوي، وهما من أكثر أسباب وفيات الأطفال دون سن الخامسة في العالم. ولا يقتصر خطر اليدين غير النظيفة على الأفراد فقط، بل يمتد إلى المجتمع ككل. فخلال الأوبئة مثل جائحة "كوفيد 19"، كان غسل اليدين من الإجراءات الوقائية الأساسية التي أوصت بها المنظمات الصحية. وأظهرت الدراسات أن الالتزام الجاد بغسل اليدين في الأماكن العامة يمكن أن يقلل من انتشار العدوى بنسبة تتراوح تصل إلى 40 في المئة، ما يخفف الضغط على الأنظمة الصحية وينقذ الأرواح.