يقود رئيس الوزراء، محمد السوداني، فريقًا من الوزراء و"الحشد" والأقارب في تحالفه الانتخابي الجديد "الاعمار والتنمية، وسبق السوداني باقي حلفائه الشيعة في الإعلان عن التحالف، فيما لا يُعرف إن كان الإعلان المبكر يحمل رسالة معينة.
وتابعت
"النهرين"، تقريرا لصحيفة "المدى" البغدادية، رصدت فيه هذا
التحالف، الذي يتشكل من 7 كيانات، وكان من المفترض أن يضم ضعف هذا العدد، إلا أنه
تقلص لأسباب غير واضحة حتى الآن، سيما وان السوداني قد أغضب "الإطار
التنسيقي" حين أعلن في نيسان الماضي الترشح شخصيًا للانتخابات.
ويُفترض
أن رئيس الحكومة كان قد "وعد شفهيًا"، بحسب أطراف في التحالف الشيعي،
بعدم خوض الانتخابات منفردًا.
وذكر
السوداني في بيان أن الائتلاف الجديد وضع "مصلحة العراق والعراقيين
أولًا"، و"تعزيز الاقتصاد الوطني، واستكمال البُنى التحتية والمشاريع
الاستراتيجية"، كما شدد السوداني على أن الائتلاف سيحافظ على "ما تحقق
من الأمن والاستقرار والعلاقات مع المحيط الإقليمي والعربي والعالمي، والبناء على
ما أُنجز من خطوات كبيرة خلال العامين الماضيين".
وضم
الائتلاف، بحسب البيان، 7 تشكيلات تابعة لوزيرين، حالي وسابق، إضافة إلى محافظ،
وزعيم عشائري قريب من السوداني، ورئيس الحشد الشعبي فالح الفياض، وأطراف أخرى ضمن
"الحشد".
وهذه
المرة الأولى التي يشترك فيها السوداني في الانتخابات بعد تسلمه السلطة نهاية
2022، فيما كان قد مُنع، بحسب الأوساط السياسية، من خوض انتخابات 2023 المحلية.
ويقول
سياسي قريب من الإطار التنسيقي لـ(المدى)، إن "الائتلاف الجديد كان أوسع مما
أُعلن عنه الآن، وكان يضم ائتلاف الحكمة (عمار الحكيم)، وائتلاف النصر (حيدر
العبادي)، ومنظمة بدر (هادي العامري)".
وبحسب
السياسي الذي طلب عدم نشر اسمه، فإن "رفض نوري المالكي، زعيم دولة القانون،
خوض الإطار التنسيقي مجتمعًا للانتخابات، هو ما قلّص حجم ائتلاف الحكومة".
حيث قررت القوى الشيعية داخل التحالف، وفق السياسي الشيعي، بعد اعتراض المالكي،
"النزول منفردة"، على أن "تجتمع بعد إعلان النتائج".
وذكر
التحالف خطته لخوض الانتخابات، في بيان الشهر الماضي، ويقول السياسي إن
"الجميع يريد اختبار حجمه الشعبي والانتخابي".
وكانت
معلومات قد تسربت بأن سبب انسحاب بعض القوى الشيعية من التحالف مع السوداني هو
التعامل مع "الملف السوري"، ورغبة الأخير في ترؤس تحالف بمفرده دون
"الإطار".
يطغى
على ائتلاف الحكومة الجديد وجود "الحشد"؛ ويقول السياسي إن "تحالفه
مع الحشد أمر متوقع، خصوصًا وأنه يبحث عن ولاية ثانية".
ويضم
الائتلاف، تحالف العقد، الذي يقوده فالح الفياض، رئيس الحشد.. وهذا التحالف
(العقد) يضم أطرافًا سُنية تملك أجنحة داخل الحشد، مثل النائب عن الموصل عبد
الرحيم الشمري.
أيضًا،
يشارك أحمد الأسدي، وزير العمل، وقد كان يقود فصيل جند السماء، والمتحدث السابق
لـ"هيئة الحشد".
اختار
الأسدي هذه المرة اسم "تجمع سومر" لخوض الانتخابات داخل التحالف، بدلًا
من "تجمع السند"، الذي استبدله بالاسم الجديد قبل أيام، بحسب مفوضية
الانتخابات.
إلى
جانب الأسدي، هناك تحالف حلول الوطني، الذي يترأسه محمد الدراجي، الوزير السابق
ومستشار السوداني.والدراجي هو جزء من تحالف خدمات، الذي كان يترأسه شبل الزيدي،
قائد كتائب الإمام علي.
ويشير
السياسي الشيعي إلى أن "السوداني يريد الحصول على الأقل على 50 مقعدًا في
الانتخابات ليكون أحد أقطاب الإطار التنسيقي".
ويُنظر
الى السوداني، حتى الآن، على أنه ليس جزءًا من التحالف الشيعي الحاكم، الامر الذي
"سمح له بتشكيل ائتلاف انتخابي بمفرده"، بحسب ما يقوله السياسي.
يشارك
في ائتلاف السوداني، ابن عمه، الشخصية العشائرية والنائب محمد صيهود، الذي انشق في
2023 عن ائتلاف المالكي، إضافة إلى نصيف الخطابي، محافظ كربلاء، وأحد المحافظين
الثلاثة الأقوياء، كما يُطلق عليهم في الإعلام.
وكان
السوداني قد اختلف مع أسعد العيداني (المحافظ القوي الثاني) بسبب أزمة التجاوزات
في البصرة، فيما لا يُعرف إن كان المحافظ الثالث، محمد المياحي (محافظ واسط)،
سينضم إلى ائتلاف الحكومة.
والكيان
السياسي المختلف في المجموعة هو "ائتلاف الوطنية"، الذي يتزعمه إياد
علاوي، والذي كان قد أعلن في شباط الماضي عن "تجمع المدني الوطني
العراقي"، الذي يضم صالح المطلك.
وفي
غضون ذلك، يعتقد رحيم العبودي، وهو عضو في تيار الحكمة، أن "رئيس الحكومة من
حقه السياسي والدستوري أن يرشح للانتخابات وأن يحصل على ولاية ثانية".
وينفي
العبودي، وجود خلافات داخل الإطار التنسيقي بسبب "قائمة السوداني"،
مشيرًا إلى أن الائتلاف الجديد لرئيس الحكومة كان باتفاق القوى الشيعية.
وأعلن
السوداني ائتلافه قبل 6 أشهر من الانتخابات التشريعية، كأول قائمة شيعية، فيما قد
ينجح خصومه في الأشهر المتبقية في تعديل قانون الانتخابات وتقليص صلاحيات رئيس
الوزراء.
يُجيب
إحسان الشمري، وهو رئيس مركز التفكير السياسي، عن ذلك بثلاث نقاط:
1-
يريد السوداني أن يقول إنه حسم أمره بقائمة يترأسها، بعيدًا عن بعض قيادات الإطار
التنسيقي التقليدية، ويثبت مشروعًا سياسيًا خاصًا به.
2-
إعلان الائتلاف في هذا الوقت خطوة استباقية في إطار الإعداد للانتخابات القادمة،
لاسيما وأن أغلب الكتل السياسية لم تُعلن عن تحالفاتها ومستويات مشاركتها، ولذلك
أراد السوداني أن يظهر أكثر قدرة من خلال الإعلان المبكر عن عمله الانتخابي، وأن
لديه قدرة على التنظيم الانتخابي قبل القوى السياسية الأخرى.
3-
يبدو التوقيت مرتبطًا بمحاولة تعويض ما جرى في القمة العربية؛ الإخفاق في القمة من
الناحية السياسية دفع السوداني إلى أن يملأ الفراغ بإعلان القائمة الانتخابية بشكل
مبكر.
الشمري،
وهو أستاذ الدراسات الإستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يرى خلال حديث مع
(المدى) أن هناك عدة علامات استفهام حول أطراف وشخصيات ائتلاف الحكومة الجديد.
ويقول
إن "تحالف السوداني مع العقد الوطني، الذي يتزعمه رئيس الحشد فالح الفياض،
غير جائز دستوريًا، على اعتبار أن الدستور يمنع من يتسلم منصبًا أمنيًا رسميًا من
الانخراط في الانتخابات".
ويُضيف
أن "هذا الائتلاف لم يختلف، من وجهة نظري، عن الائتلافات السابقة، خصوصًا
وأنه ما زال يُنظر إليه كتكوين طائفي أو شيعي، ولم تختلف منهجية أو أداء السوداني
عن بقية القوى الشيعية الأخرى".
كذلك
أشكل الشمري على أن الائتلاف في جانب منه عائلي، خصوصًا تحالف السوداني مع قائمة
الأجيال التي يترأسها ابن عمه محمد الصيهود، وهو مؤشر على أن البُعد العائلي لا
يزال حاضرًا.
وبحسب
أستاذ الدراسات الدولية، فإن ائتلاف "الإعمار والتنمية" يضم شخصيات قد
تتسبب للسوداني بمشاكل خارجية، مُبينًا أن "هناك شخصيات مدرجة ضمن قائمة
العقوبات الأمريكية، وأيضًا هناك أطراف تتم مراقبتها من مكتب الأصول المالية
الأمريكي".
وأوضح
الشمري أن "هذا سيُعطي رسالة سلبية، على أقل تقدير، للولايات المتحدة، بأن
السوداني يتحدى موضوع العقوبات التي فُرضت على بعض الشخصيات، خصوصًا وأنه تلكأ في
تنفيذ الاشتراطات الأمريكية الخاصة بتفكيك الحشد وإنهاء العلاقة مع إيران".
ويعتقد
الشمري أنه من الناحية الأيديولوجية يمكن أن نُصنّف ائتلاف السوداني بأنه
"ائتلاف هش"، وهو ليس "ائتلافًا أيديولوجيًا، وإنما انتخابي
مرحلي"، وهذا قد يؤدي إلى تشظيه فيما بعد.
ويقول
الشمري إن "عملية التمرد من بعض الأشخاص ضمن مكونات الائتلاف واردة ضد
السوداني، بحسب المصالح السياسية بعد نتائج الانتخابات".
ويتابع:
"بالنهاية، السوداني سيكون مضطرًا للعودة إلى التفاوض مع قوى الإطار التنسيقي
أو مع حلفائه الذين دفعوه إلى رئاسة الوزراء بالتحديد".
هذا
الائتلاف، بحسب الشمري، "يبدو جزءًا من المناورة لمعرفة الحجوم، لكن سيُضطر
السوداني للعودة إلى الإطار التنسيقي بسبب الولاية الثانية، التي لن تمر إلا من
خلال بوابة الإطار التنسيقي، ولأجل ذلك قد يتخلى رئيس الحكومة عن الائتلاف وبعض
الأشخاص بعد إعلان النتائج".
وخلص
الشمري إلى أن "السوداني ربما أضاع فرصة كبيرة في أن يظهر كشخصية تملك
مشروعًا مختلفًا عن الأحزاب والقوائم التقليدية، واستمر بذات النهج؛ وبالتالي، هذا
الائتلاف سيكون محط استهداف من قوى سياسية منافسة، ولن يصمد طويلًا بعد إعلان
النتائج".